أرحل عنكم

سأرحل عنكم




لا أعرف كيف أمسكت قلمي و
سرت على حواف حبره الأسود
لأرسم في كل بحر موجا تردد
في كسر حاجز صمتي العربيد
و كم تنتحل الحكايات في قفصي بصرا أرمد
و تعشق ألوانا تهيج في صيفها الأسود
و آه يا رموز الحياة الذين تدعون رمز الشرف و المجد
كم أكره خرافاتكم المترامية الأطراف فوق كل فجر تتمدد
و بكل فخر تردد
ألف ويل وويل و تحرق كل الورود التي زرعتها لأجعل جنتي داخل قبري قبل المماة
كم أكره أصواتكم و أنتم تهبون ورودا
على قبور تتلون عند رؤوس أمواتها لحنا ضننتم أنه يعيد إليها الحياة ...
أو أنكم تعبثون بسذاجة قوم فروا من ليل تمهد
نحو ذلك الشاطىء البعيد
تعبت ....
حقا تعبت...
و نبذت ذلك الحلم الذي أزعج سذاجتى حتى جعلني أخطط لأن لا أتعلم لحنا
..و لا أنحت صخرا ...
و أن أنثر التراب في عيني حتى لا أتمسك بعشق السماء و لا لمعان النجوم
أخبرني يا ذلك الغائب البائس الذي عشقته و دفنت حبه في مقبرة لا يزورها القديس و لا المسيح و لا المهدي
و لا يعرفها بشر غيري ...و لا يغني على ترابه لحن إلا ذلك الأنين الأغبر الذي يعزفه وتر تمزق في حلكة صدري من طول الإنتظار
تحرك يا ذلك الساكن في رحمي حتى نبذتك قبل أن تخرج إلى الحياة ....
تريث قبل أن تعود إلى قلب سئم اختلاف سيوفك في أحشائي حتى فجر دماء كل طير جميل كان يردد أنغام الربيع في شتائي العاصف حين كانت تمرغ حنايا قلبي صقيع الثلوج ....
غادرني يا ذلك الحلم الأخضر الممتزج بدم عذريتي في مملكة جوليوس قيصر ...
و ارحل من بلاط الإمبراطوري لأن مجدك الزائف فيه قد انحط و حط تحت أقدام العبيد في ساحة قلبي حتى جعلها ساحة دماء للمصارعين في زمن روما التي تعشق القتل المتوج بزئير الأسود
عبثا أتذكر ذلك الشيخ الحزين الذي كان يردد في كل يوم يرفع خيزرانته المتآكلة إلى الشجر و يتساءل عن حقيقة الوجود ؟ و يعترف بين شفائف نفسه الحزينة كنفسي : هل العالم جدي ؟
و هل حين تعصفنا ريح الشمال نحس بنسيم ذلك الصباح بعد لفحة شمس الصيف المتكدس حول خصري المتمرد إلى الاتاريخ
كم أعشق أن أرقص على نغمات صمت تغازل القمر و تبعثر النجوم في كل مكان ...و أتساءل هل ستظهر يدك من بين تلك الأمواج تحمل قلبا ينبض بالحياة ....
و هل تتحشرج في أنفاسي لغة جديدة حديدية أعبر بها من هذا الشاطىء المدمر إلى حدود ذلك الجبل المتعالي كحلمي الهارب في السماء فأنثر لغة الصباح في عالمي الجديد
لن أنام ....و لن أكتب و لن أرقص ....و لن أردد كلمة واحدة بعد الآن
سألحن في آخر الرواق ...و سأرفع الستار على مسرحيات أمثلها من وراء المسرح ، لأنهم أغلقوا الباب على أنفسهم من وراء ظهري .... فهل حقا هذا العالم جدي في حقيقة روايته مع البشر
سأركب سفينة لا تعرف الرسو و سأتبع كل أشباح الحياة لأكون شبحا يلبس البذلة السوداء في قلب كل حلم أسود ....و سأذكر حياة الأرض الخضراء التي لم تترجم لون الأخضر كما شاء العالم البائس أن يجعل منها رملا يدفن فيه أجساد اجتثت أنفاسها من لاتينية الحضارات الغابرة
و سأنتصر بلحن الغجرية المتنقلة في كل واد و باد و ناد و أنتحر على شرف نحر العناق الملتوية كثعبان أخرص يعشق النفاق ...و لكن لا تتذمروا لأنني سأغادركم الآن ...
و سأرحل و سأترك لكم تلك الحياة التي كسرتم خطوطها المنحنية على ضلال الحب لتجعلوا منها أعمدة جوفاء و خطوطا متوازية لا تلتقي أبدا إلا في الخفاء ...
سأترك لكم كل هذا العالم البائس ....و سأحمل معي حلمي في رحمي لأعيش به منبوذة و أنا العذراء في جوف الصحراء ...
لن أسأل من جديد عن ذلك الخط الذي كنت أتخيله يقودني إلى أبواب النجاة ...و سأقطع تلك اليد التي كنت أراها تفتح لي نافذة الصباح لأنتعش بندى الربيع ...
سأكرهكم حتى يسأم الكره من معنى الجفاء
و سأشقى لأني عشقت الشقاء ...
و سأرغب في وحدتي حتى أتناثر كرماد الصحراء
عبثا تمسكون بخيط مزقته بيني و بينكم
و عبثا تحاولون اللحاق بسفينة ثقبت سافلها حتى أغرق في سافل الأزمان فلا تجدوني مهما طال الخفاء
أرحلو عني لأنكم لم تعرفوا معنى اللقاء
إرحلوا عني لأننا لن نردد أبدا لحن اللقاء
و لا تحلموا فقد رفضت أن أذكر كلمة الوداع لأنه من شيم مغتالي البشر و سفاحي الحروب
إرحلوا و لا تذكروني ...
و لا تنشروا صوري ...
و لا تقرأو مقالاتي ...
و لا تحبوا سيرة حياتي
فقد عشقت أن لا أكون بينكم
و بين الحياة و المماة


إخترت أن أكون صلاة


بقلم : maya rim